يرى بيترسون أن تحوّل عقليتك من أنا أولًا (me-first) إلى الآخرين أولًا (other-first) هو مؤشّر النضج. ولا يقصد إيذاء نفسك من أجل الآخرين، إنما هي العقلية التي تبدأ عن طريقها بالخروج من وضعيّة الطفل الذي لا يقبل أن تُمَس أشياءه إلى وضعيّة المسؤول والمستوعب لآلام واحتياجات الآخرين
هنا نقطة مهمة، فقد ترحم الآخرين وحتى الغرباء منهم وتعطف وتساعدهم وربما تبكي على قطة لكن تبقى عقليتك (me-first)؛ لأن اختبار هذه العقلية يجري عندما تحدث مفاضلة بين احتياجك واحتياج الآخر؛ لذا سهل جدًا أن تجد عشرات الأشخاص الإنسانيين لكنهم غير ناضجين، الإنسانية مختلفة عن النضج.
ويرى بيترسون أن هذه العقليّة (others-first) تنمو عندما يُنجب الإنسان طفلًا، لماذا؟! لأنه الشخص الوحيد الذي يستطيع إعادة تربيتك. لماذا؟! لأنك تُحبه أكثر من نفسك، فعندما يخطئ لن تقول جرح مشاعري، ستحاول أن تفهم، وسترتب مشاعرك؛ ستعيد ترتيب حياتك من أجله دون أن تفكّر في أن تتخلى!
زد عليها أنك رغمًا عن أنفك مسؤول عن رعايته، نعم ستبقى فوق رأسه عندما يمرض وله كامل الحق بكافة ردود الفعل التي لن تتقبلها من غيره وستتقبلها (رغمًا عن أنفك). بهذه الطريقة تعاد تربيتك وتنضج ولأول مرة في حياتك يصبح القرار ليس لمشاعرك إنما لمشاعر شخص آخر وعقله أحيانًا ورغباته أحيانًا.
هل هذا يعني أننا لن نصل إلى النضج وعقلية (other-first) إلا عندما ننجب؟! لا، قد نصل إليها لكن أغلب البشر يحتاجون إلى هذه التجربة لينضجون. أما الطرق الثانية فهي سيئة، النضج بالصدمات والأمراض، وهذه حدثت لي شخصيًا، عندما بلغت 17 سنة، تحوّلت في ليلة من أنا أولًا، إلى الآخرين أولًا.
قبل وفاة أبي، كانت مشاعري مهمة ورفاهيتي أولوية وكنت أنا فقط في هذا العالم. توفى أبي، أصبحت أبًا، حولي 5 أشخاص جميعهم أهم مني، مشاعرهم أفهمها، صحتهم أهتم لها، ضحكتهم أنتظرها ونجاحهم يسعدني. تغيّر كل شيء بعدها، أصبحت انفعالاتهم مفهومة، إذا تعبت من أجلهم لا أغضب منهم لأنهم مهمين.
من حينها تغيّرت نظرتي إلى العالم،أتفهم مشاعر صديقي عندما غضب مثلما أتفهم مشاعري عندما انفعلت، أتفهم مشاعر زوجتي دون المرور في تجربتها.ولو حدث خلاف أستطيع الانسحاب وإعادة المياه دون تبرير شديد،أستطيع تفهّم الآخر وأسبابه؛ لأنني انتقلت من التمحور حول ذاتي إلى التمحور حول ذاتي والآخر
أيضًا مريض الاكتئاب يخرج كما سمعت من هذه التجربة بعقلية متفهمة للآخرين (Other-first) وهذا لأنه مر بأحد أقسى التجارب الإنسانية في عصرنا؛ فيستطيع أن يتفهّم كل أسبابك المنطقية واللامنطقية. و قس ذلك على حالات كثيرة تساهم في تنمية الإنسان كأن تكون الأب الثاني/الأم الثانية في المنزل.
وقبل أن أقرأ لبيترسون، كنت مقتنعًا أن شريك الحياة كلما مر بمعاناة أو مسؤولية حقيقية كانت قدرته أكبر على إنجاح العلاقة، وذلك ليس شرطًا. إنما الشخص الذي مر بمواقف صعبة ولذعته الحياة سيأتيك بعقلية ناضجة يتفهم مشاعرك كما يتفهم مشاعره، ولن تنتظر حتى تنجبان ليتربى هذا الشريك من جديد.
أؤكد مرة أخرى أن تكون عقليتك (me-first) لا يعني أنك لست إنسانيًا، لا يعني أنك لا تمتلك حبيبًا، لست مثقفًا، لست بارعًا في تخصصك، لست واثقًا، لست قوي شخصية. كل هذا قد يتوفّر فيك لكن لتنمو وتكون إنسانًا ناضجًا؟ يجب أن تتحوّل إلى OTHER-FIRST!
عندما تستطيع أن تقف حكمًا بينك و الآخر!
عندما تستطيع أن تقف حكمًا بينك و الآخر!
حبيب إنساني، مثقل جدًا، بارع في تخصصه وناجح و واثق وقوي شخصية، دخل في خلاف مع حبيبه الذي يعشقه لكنه لم يستطيع الاستمرار لأن مشاعره تأذّت، برر له حبيبه ما حدث، اعتذر منه. لم يستطيع استيعاب تبريره والعيش في مشاعره. لماذا؟!
لأن هذا الشخص لم ينضج بعد، ما زال يفكّر بعقلية (me-first)
لأن هذا الشخص لم ينضج بعد، ما زال يفكّر بعقلية (me-first)
ولذلك جوردان بيترسون ينصحه بالإنجاب! لأنه يستطيع التخلّص من شريك حياته، صديقه، حتى من بعض أفراد أسرته. لكن من ابنه لن يستطيع، سيتربى رغمًا عن أنفه.
و هناك مثل قديم تكرره أمي علي منذ صغري: "ابشر يا مدلل بالشقا!" = عندما تتحمل المسؤولية لن تشقى. الفكرة عميقة.
و هناك مثل قديم تكرره أمي علي منذ صغري: "ابشر يا مدلل بالشقا!" = عندما تتحمل المسؤولية لن تشقى. الفكرة عميقة.
نعود إلى الاستحقاق، قرات مقالًا غربيًا ينقد عقلية الاستحقاق المبالغ فيها عند الجيل الحالي وأن أحد أهم أسباب اكتساب الجيل الحالي لها، هو تأخّر سن الزواج والإنجاب ما يعني أنك ستبقى بعقلية (me-first) إلى وقت متأخر +27 سنة مقارنة بالأجيال السابقة، يعني ستبقى طفلًا حتى وقت متأخر!
لأن الزواج والارتباط والإنجاب سيغيّر مفاهيمك؛ لأنك ستتمحور حول أسرتك بدلًا من ذاتك. لكن ما يحدث هذه الأيام أننا نتأخر عن هذه الخطوة ونستمع إلى الأشياء العجيبة:
"ضع نفسك أولوية"
"احترامك قبل كل شيء"
"اجعل ارضاءك صعبًا"
"مشاعرك أهم"
==
"ضع نفسك أولوية"
"احترامك قبل كل شيء"
"اجعل ارضاءك صعبًا"
"مشاعرك أهم"
==
"ابق مع حبيبك طالما داخلك مشاعر" = يعني طز في مشاعر الثاني.
"أنت تستحق الأفضل"
"لا تصاحب الحزين"
"لا تصاحب الثرثار"
"لا تصاحب المكتئب"
"طااااقتك!!!!"
كلها راح تخليك أقل نضجًا، ويبدأ صراع داخلك بين عقلية الطفل التي تعززها خطابات التنمية البشرية والعقلية الملائمة للحياة!!
"أنت تستحق الأفضل"
"لا تصاحب الحزين"
"لا تصاحب الثرثار"
"لا تصاحب المكتئب"
"طااااقتك!!!!"
كلها راح تخليك أقل نضجًا، ويبدأ صراع داخلك بين عقلية الطفل التي تعززها خطابات التنمية البشرية والعقلية الملائمة للحياة!!
هذا سبب لفشل بعض قصص الحُب ليس لعدم ملاءمة شخصيات، بل لأن أحدهما أو كليهما دخل العلاقة بعقلية "me-first"، فتجدها قصة رائعة لكن لا تكتمل؛ لأن عقلية أنا أولًا تنجرح بسهولة لتمحورها حول ذاتها، كرامتها متضخمة، ولا تتجاوز منحنيات العلاقة. هذه العقلية خطر أن تستمع لخطابات الاستحقاق.
لأنها ستبرر هروبها من العلاقات حتى تُصْدم في نهاية المطاف أنها فقدت كل تجاربها وفرطت بعلاقات جميلة جدًا. والآن تريد أن ترتبط (ذكر أو أنثى)، لا يوجد خيار يوازي ما فرطت به، ورغمًا عنها ستتنازل لاحتياج آخر وتقبل بخيار أقل من ذلك الخيار الذي كانت تعتقد أنها تستحق أفضل منه (جريمة).
ختامًا:
لا مانع لدي عندما يخطئ الإنسان بقرار بسبب عدم نضجه، لكن أن تكون هناك خطابات تساهم في "تعتيه" الإنسان فوق أنه معتوه بالفطرة! أظن أن خطابات الاستحقاق المبالغ فيها تعطي الإنسان فوق حجمه الطبيعي فيظن أنه ملك الدنيا ويتمحور حول ذاته وهي بعيدة عن شاربيه.
اكبروا، انضجوا.
لا مانع لدي عندما يخطئ الإنسان بقرار بسبب عدم نضجه، لكن أن تكون هناك خطابات تساهم في "تعتيه" الإنسان فوق أنه معتوه بالفطرة! أظن أن خطابات الاستحقاق المبالغ فيها تعطي الإنسان فوق حجمه الطبيعي فيظن أنه ملك الدنيا ويتمحور حول ذاته وهي بعيدة عن شاربيه.
اكبروا، انضجوا.
هذا يُفَسِّر تمامًا كيف يكون بعض الناس ناجحين ومناصب ومثقفين وشخصياتهم قويّة، إنما بسبب عقليّتهم (me-first) ما زالوا يفشلون في علاقاتهم مهما أحبوك. عقلية الـ (other-first) تعطي أمان في العلاقات، غفران، وتكون قادرة على المواجدة. https://twitter.com/AlquraynAK/status/1343677369551364096">https://twitter.com/AlquraynA...
الفرق بين العقليتين لمّا تشرح لهم أسباب خطأك اللي جرحهم:
عقلية (me-first) يقولك ممم ظروفك أوك فهمت، لكن ما راح أتقبل اللي سويته. ما أستحق هالشعور اللي حسيته ..
عقلية (other-first) يقولك أفهمك لا تشيل هم كلنا نمر بهالظروف وإذا ما تحملتك مين يتحملك؟ أيوة كذا ابتسم، ي ولد اضحك ..
عقلية (me-first) يقولك ممم ظروفك أوك فهمت، لكن ما راح أتقبل اللي سويته. ما أستحق هالشعور اللي حسيته ..
عقلية (other-first) يقولك أفهمك لا تشيل هم كلنا نمر بهالظروف وإذا ما تحملتك مين يتحملك؟ أيوة كذا ابتسم، ي ولد اضحك ..
أنقذنا علاقة ..
We saved A relationship
https://abs.twimg.com/emoji/v2/... draggable="false" alt="⬆️" title="Pfeil nach oben" aria-label="Emoji: Pfeil nach oben">
We saved A relationship
بطّلت اقرأ كلام فاضي
https://abs.twimg.com/emoji/v2/... draggable="false" alt="❤️" title="Rotes Herz" aria-label="Emoji: Rotes Herz">